ما ذنبه في منعه من الزواج، وهو لا يستطيع العفاف إلا من طريقه؟
فإن أنكروا أن يكون له حق في النسل، قلنا لهم: الذرية الصالحة تعين الوالد على مشاق الحياة، وتكسبه عزة ما بقي، وتحصي ذكره بعد أن يموت، علاوة على ما فيها من تكثير عدد قومه، وكثرة عدد القوم من أسباب عزتهم، ووصولهم إلى أن يسوسوا أنفسهم بآرائهم، ويذودوا عن ساحتهم بأيديهم. وإن أظهروا الاستخفاف بفضيلة العفاف، قلنا لهم: إنما جلسنا لنناقشكم على قواعد علم الخصال الشريفة، فإن بسطتم أيديكم إلى تقويضها، فما نحن بباسطي أيدينا إلّا إلى إقامتها، وتدعيم أساسها.
والظاهر أن هؤلاء الذين يعيبون الإسلام بحكم تعدد الزوجات يشيرون على الرجل السليم البنية متى عرض لزوجته مانع من الاستمتاع بها أن يبقيها، ويؤثرون اتخاذه للخدينات، وإتيان الفاحشة على أن يعقد على امرأة أخرى، فيعيش مع الزوجين في طمأنينة، ويتصل بهما في شرف وفضيلة.
والدليل على أنهم يستهينون بارتكاب فاحشة الزنا، ولا يعبؤون بما يتبعها من المفاسد: فتحهم الطريق الموصلة إلى البغاء في غير مشقة، ووضعهم النظم المساعدة على إتيانه في غير حياء ولا خشية عقوبة.
وإذا نظرت في إحصاء عدد نفوس الأمم، وجدت أن عدد نساء كل أمة يزيد على عدد رجالها، هذا ما لا يختلف فيه العارفون بشؤون الأمم، وإنما تتفاوت نسبة زيادة النساء على الرجال بحسب اختلاف البلاد، وعلى قدر ما تصاب به الأمم من ثورات داخلية، أو حروب خارجية.
فلو لم يكن في تعدد الزوجات فسحة، لبقي كثير من النساء محرومات من أزواج يقومون عليهن، ويصونون ماء وجوههن، ويساعدونهن على