ولاختصاص الزكاة بالأصناف المذكورة في الآية منع الأئمة من صرفها في مصالح لا تدخل في واحد من هذه الأصناف؛ كما قال مالك:"لا يعطى من الزكاة في كفن ميت، ولا بناء مسجد".
وإذا اختلفوا في صرفها في وجه من وجوه الخير، فلاختلاف أنظارهم في التحاقه بأحد الأصناف المقررة في الآية الكريمة. وأكثر ما جاء من ناحيته لاختلاف: الصنف السابع، أعني: قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}[التوبة: ٦٠]؛ فإن اللفظ من حيث مدلوله في لسان العرب شامل لكل وجه من وجوه الخير، ولكن ذكره من بين سبعة وجوه من وجوه الخير يدل على أنه يراد به ناحية خاصة فهمها السلف منذ نزول الآية.
وأكثر أهل العلم على أن المراد من قوله تعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}: الغزاة، وما يحتاجون إليه في جهادهم من وسائل الدفاع، ومنهم من يجعله متناولاً لفريضة الحج، وهو ما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل؛ حيث قال: الحج من سبيل الله، وهو ما يراه الإمام محمد بن الحسن بن الحنفية.
وذكر الألوسي: أن بعضهم يفسره بطلبة العلم، ثم قال:"وتوسع بعضهم في تفسيره، فحمله على جميع القُرَب، وقالوا: يدخل فيه كل من سعى في طاعة الله، وسبل الخيرات".
ولا نظن هذا الذي يفسر {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} بطلبة العلم، أو بكل من سعى في طاعة يجيز صرف الزكاة لهؤلاء، ولو كانوا أغنياء، وإذا كانوا لا يستحقونها إلا في حال الحاجة، فقد دخلوا في قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}[التوبة: ٦٠]، فصرف جانب من الزكاة على ذوي الحاجة من طلاب العلم بالمدارس، أو من يلقي بهم المرض على مضاجع المستشفيات،