وكم إلى كم لا تخاف موقفاً ... يستنطق الله به الجوارحا
يا عجباً منك وأنت مبصرٌ ... كيف تجنبت الطريق الواضحا
قال أبو حامد الخلفاني: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبدالله! هذه القصائد الرقائق التي في ذكر الجنة والنار، أي شيء تقول فيها؟ فقال: مثل أي شيء؟ قلت: يقولون:
إذاما قال لي ربّي ... أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب من خلقي ... وبالعصيان تأتيني
فقال: أعد، فأعدت عليه، فقام ودخل بيته، ورد الباب، فسمعت نحييه من داخل البيت وهو يقول:
إذا ما قال لي ربي ... أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب من خلقي ... وبالعصيان تأتيني
وليس في مثل هذه الأناشيد من بأس، فقد يكون فيها تذكرة لبعض النفوس الغافلة، وإنما تدخل في قبيل اللهو إذا كانت توضع في ألحان الغناء، حتى تكون اللذة في طيب أنغامها، لا فيما احتوته من حكمة أو موعظة.
أما السماع الذي تنكره على المتصوفة، فهي الأناشيد التي تحوي من وصف الغزل ما نسمعه في شعر عمر بن أبي ربيعة، أو تحوي من وصف الخمر مثل ما نسمعه في شعر أبي نواس، وحاشا لفضلاء الصوفية أن يكونوا قد شهدوا هذا النوع من السماع، وهم يحسبون أنهم في طاعة.
واتصل بالتصوف بعض بدع عملية؛ كالرقص في حال الذكر، وكاستعمال الآلات المطربة في المساجد.