للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألف دينار في دفعة، وكان أسد بن الفرات يقبل عطايا السلطان، فسئل عن ذلك فقال: هذا بعض حقنا، والله حسيبهم في الباقي.

وكثير منهم كانوا يتورعون عن قبول عطايا الظالمين؛ كسعيد بن المسيب؛ فإنه كان يتجر في الزيت، ويقول: إن في هذا لغنى عن هؤلاء السلاطين.

والحق أن من يحس في نفسه الضعف، ويخشى أن ينحدر به قبولُ هبات الظالمين إلى التغاضي عن باطلهم، أو مجاراتهم في طغيانهم، فقبض يده عن قبولها، فقد أجاب داعي التقوى. قال أبو ذر للأحنف بن قيس: خذ العطاء ما كان نحلة، فإذا كان أثمان دينكم، فدعوه.

وقد حمل بعض أهل العلم ما فعله بعض الأئمة من قبولهم لجوائز أولئك الأمراء، على أنهم يأخذونها لينفقوها على أولي الحاجة، روي عن جابر بن زيد: أنه جاءه مال من السلطان، فتصدق به، وقال: رأيت أن آخذه منه، وأتصدقَ به أحبُّ إليّ من أن أدعه في أيديهم.

وروي أن ابن عمر كان يفرق ما يأخذه من الجوائز، حتى إنه استقرض مرة في المجلس الذي فرق فيه ستين ألفاً.

والخلاصة: أن الإسلام جرى بالنفوس في الاستمتاع بالزينة والملاذ في طريق وسط، فدلّ على أنه الدين الذي يهدي إلى السعادة في الأخرى، ويرضى لأوليائه أن يعيشوا عيشاً طيباً في الحياة الدنيا.