من فوائد عامة أو خاصة، فقد يعتقد الإنسان بصلاح عمل من جهة ثقته بحكمة من يأمره به، أو لأنه اطلع على فائدة من فوائده، فيجد داعية على إجابة الأمر، ولكن هذه الداعية قد تبدو ضعيفة حيث لم يكن بجانبها عاطفة قوية تسهل عندها الصعاب، وتتضاءل أمامها العقبات.
وتقوى العاطفة نحو الشيء يقدر ما تعرف النفس من فضله وحسن عواقبه، فصدور الأمر بالشيء من الشارع الحكيم- مثلاً - هو كاف لقبول الإنسان له، واعتقاده بصلاحه، ولكنه ينهض للعمل بنشاط أوفى، وعزم أمضى، متى ازداد علماً بما يترتب عليه من الآثار الحميدة.
وتربى العاطفة الشريفة بالأساليب البارعة؛ من نحو: التشابيه والاستعارات وضرب الأمثال؛ حيث يُعرض الشيء المطلوب فعله في صورة شيء تألفه النفوس، وترغب فيه؛ فقد تدرك النفس حسن الشيء المطلوب فعله، ولكن عرضه في صورة ما ألفته واتجهت إليه من قبل، يجعلها تزداد ارتياحاً له، ورغبة فيه، ومن هنا كان الشعر مثيراً للعواطف، وصح أن يستعان به في توجيه النفوس إلى كثير من أعمال الخير.
وقد سلك القرآن الكريم في تربيته العواطف هذا المسلك البديع، وكان لضربه الأمثال أثر عظيم في تثبيت حكمه البالغة في النفوس، وتنمية العواطف الدافعة إلى عظائم الأمور.
وخلاصة البحث: أن أطيب الناس حياة، وأرفعهَم في المجد مقاماً، وأوفرَهم من خصال الحمد ثروة، ذلك الرجل الذي رزق عقلاً سليماً، وديناً قيماً، ورزق بجانب ذلك عواطف شريفة تتوجه حيثما توجه العقل، ولا تنساق إلا إلى ما يرتضيه الدين الحق.