وتختص بعد هذا كل فرقة من فرقهم بآراء يخالفها فيها فرق أخرى منهم، وربما حكم بعضهم بتكفير بعض.
ومن المعروف أن إنكار القدر سبقهم به معبد بن خالد الجهني، وأن نفي الصفات، والقول بأن القرآن مخلوق سبقهم به جهم بن صفوان، والمعتزلة الذين كانوا في زمن عمرو بن عبيد وأمثاله إنما يتكلمون في الوعد والوعيد، وإنكار القدر، وحدث فيهم نفي الصفات بعد ذلك العهد، وذكر أحمد بن حنبل في رده على الجهمية مذهب جهم في نفي الصفات، وقال: فاتبعه قوم من أصحاب عمرو بن عبيد وغيره، واشتهر هذا القول عن أبي الهذيل العلاف والنظام وأشباههم من أهل الكلام (١).
وذكر المعتزلة أن مذهبهم قائم على أصول خمسة أشار إليها أبو الحسن الخياط من أصحابهم في كتاب "الانتصار"، فقال:"وليس يستحق أحد منهم اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وأهل السنة يرونهم مخطئين في بعض ما بنوه على هذه الأصول، كما جعلوا من مقتضى توحيد الله نفي صفاته الأزلية، وإنكار رؤيته بالأبصار، وكما جعلوا من مقتضى عدله أنه لم يخلق أفعال العباد، إلى نحو هذا مما هو مفصل في كتب علم الكلام.