للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن المعروف بالبداهة أن الاختلاط يحدث في القلوب فتنة، ولا تلبث الفتنة أن تجرّ إلى فساد، فعلى قدر كثرة الاختلاط يكثر ابتذال الأعراض.

قال الأستاذ: "وهي مسألة كانت قليلة الأنصار في الرأي العام"، يريد: أن قبول الطالبات في الجامعة لم يرض عنه فيما مضى إلا قليل من الناس، والواقع أن الذين يرضون عن هذا الاختلاط لا يزال عددهم قليلاً إذا نظر إليهم إزاء من ينكرونه، ويشكون من سوء مغبته، ولو استفتيت الأمة استفتاء صحيحاً، لظهر أن أنصاره لا يزالون في قلة، على أن المسائل الاجتماعية إنما يرجع الحكم فيها إلى الأدلة القائمة على رعاية ما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد، أما كثرة الأنصار، فلا تجدي أمام النصوص الشرعية، والأدلة المؤيدة بالتجارب، ولو مثقال ذرة.

قال الأستاذ: "بعد عشر سنوات من قبول هؤلاء الطالبات، قامت ضجة تنكر علينا هذا الاختلاط، فلم نأبه له؛ لأن التطور الاجتماعي معنا، والتطور لا غالب له ".

ليس هناك تطور يعرض للاجتماع في نفسه، وإنما تطور الاجتماع أثر أفكار وأذواق وميول نفسية، ورقي هذا التطور أو انحطاطه يرجع إلى حال تلك الأفكار والأذواق والميول، فإن غلب على الناس جودة الفكر، وسلامة الذوق، وطهارة ميولهم النفسية، كان التطور الاجتماعي راقياً، وهذا هو الذي لا تنبغي معارضته، ويصح أن يقال فيه: إنه تطور لا غالب له، أما إذا غلب على الناس انحراف الأفكار في تصور الشؤون الاجتماعية، أو تغلبت أهواؤهم على عقولهم، كان التطور الاجتماعي في انحطاط، وهذا هو الذي تجب معارضته، وأقل دعوة تقوم لإصلاحه يمكنها أن تقوّم عوجه، وترد جماحه.