النظر، ويجر إلى الأخذ بأطراف الحديث، يكون بلا ريب أمراً منكراً؛ إذ هو الوسيلة المباشرة لزلزلة نفوس الفتيان والفتيات بعد سكونها زلزلة قد تذهب بأعراض كانت مصونة، وإذا دخل ابتذال العرض في الأسرة، فمن أين لنا أن نكوّنها على وجه يأتلف مع أطماعنا في الارتقاء القومي؟!.
وليس فىِ حماية الفتاة من الاختلاط بغير محارمها تضييق لدائرة الحياة في وجهها، وإنما هو احتفاظ بكرامتها، وتوفير لهناءتها؛ إذ بصيانتها عن الاختلاط تعيش بقلب طاهر، ونفس مطمئنة، وبهذه الصيانة تزيد الصلة بينها وبين زوجها وأولي الفضل من أقاربها متانة وصفاء.
وأنا لا أستبعد صحة ما أسمعه كثيراً من أن النزاع بين الرجال وزوجاتهم أصبح أكثر مما كان، وأن منشأ هذا الخصام تهافتُ النساء على التبرج الممقوت، وتساهلهن في الاجتماع بغير محارمهن.
والواقع أن أنصار اختلاط الجنسين لا يؤيدهم تطور اجتماع صحيح، ولا يناصرهم العدل بين الأخ وأخته في تحصيل كل منهما أسباب كماله الخاص، ولا تقف بجانبهم مصلحة الأمة في حال، وليس معهم إلا أنهم فعلوا ذلك، ففتحوا أبواب الجامعة للطالبات، وكان منكرو هذا الاختلاط على كثرتهم في تفرق، فلم يصدعوا بإنكارهم، واقتصروا على أن يرددوا هذا الإنكار في مجالسهم، وربما كتب أحدهم مقالة في صحيفة، أو قال كلمة في محاضرة.
ولو عقد دعاة الإصلاح مؤتمراً أخلاقياً، ونظروا في شأن اختلاط الجنسين نظراً خالياً من كل هوى، وبسطوا القول في وجوه مفاسدة، لكان لقرارهم شأن، وكان لرجال السياسة الرشيدة في أمر الفتيات رأي يجمع بين إعطائهن حظهن من التعليم، وصيانتهن من مواضع الفتنة والابتذال.