رشدَه، ووَلَّيْتُ وجهي شطرَه، وآنست في أقلام إخواني الذين يجاهدون في الإصلاح أثَرَهُ.
وكأني بالناشئ الذي سَلِمَتْ فطرته، واتّقدتْ قريحته، يهبُ هذه الرسائل قسطاً من وقته، ويلقي عليها أشعة من ثاقب فكره، فإذا هو ينظر إلى قلم أمين، يطارحه الحديث في أسلوب حكيم.
وإذا نفقت كتب تمكُرُ بالحق، أو تسمي المجون أدباً، ووجدتْ نفوساً كثيرة تتهافت عليها تهافت الفراش على النار، فحسب "رسائل الإصلاح" أن تحظى عند قوم يبحثون عن الرشد بحثَ الخبير بقيمته، ويتعشَّقون الأدب النزيه كأنما صُوِّرَتْ نفوسهم من طينته.
ولو سبق لبعض الناشئين أن نظروا في تلك الكتب المنطوية على زْيغ أو مجون، ولم يتنبهوا لما دُسَّ في عباراتها من سموم، ثم أقبلوا على هذه الرسائل، نابذين تقليدَهم القديم، صارفين قلوبَهم عن إكبار أولئك الزائغين أو الماجنين، لما كان بعيداً أن يعودوا إلى إيمان نقيّ، وأدب سَنيّ، فينفعوا الأمة بجدهم وكمال رجولتهم، ويتمتعوا بالحياة الطيبة في أُولاهم وآخرتهم.