يرى أن الحال لا يسعه لأن يطعن في الدين، أو يصد عنه في علانية، فتجده يحتال لأن يذهب إلى غرضه من طريق البحث وإبداء الرأي، فيبالغ في الدعوة إلى حرية الرأي في الدين؛ ليكون مطلق العنان، يقول ويكتب ما يشاء من آراء يقوض بها صرح الدين من أساسه.
يدعون إلى حرية الرأي في الدين؛ لتجد دعوتهم المعادية للدين سعة، ومن ملك من هؤلاء قوة، استعملها في اضطهاد رجال الدين المستقيمين، وسدَّ باب الحرية في وجوههم، فإن لم يفعل ذلك على طريقة مكشوفة، فعله من طرق ملتوية.
* بَسْطُ ألسنتهم في رجال الدين:
من طبائع الملحدين الحطُّ من شأن علماء الدين المستقيمين؛ باعتقاد أن هدم من يتمثل فيهم الدين القويم هدم للدين نفسه، فإذا بلغوا أن جعلوا الناس يزدرون برجال الدين، ويصرفون أسماعهم عما يدعونهم إليه من حق، فقد بلغوا أمنيتهم من تعطيل أوامر الدين، وإهمال آدابه، وإطفاء نور حكمته.
* دعوتهم إلى الإلحاد:
في الملاحدة من يعجز أن يكون داعية إلى الإلحاد، فيكتفي بأن يطلق لنفسه العنان في الإباحية، ومنهم من يدفعه بغض الدين إلى أن يعمل بلسانه أو بقلمه لهدم أصوله، والصدّ عن سبيله، ولهؤلاء طرق يأتمرون لتدبيرها، وهي شبيهة بطريق إخوانهم الباطنية، وذلك أنهم يبتدئون من يريدون إغواعه بعرض شيء من الشبه في صورة السائل، أو الحائر في دفعها، ثم ينظرون إليه ماذا يكون حاله من الاستخفاف بتلك الشبه، أو التأثر بها، فإن رأوه قد ضعف أمام هذه الشبه، أكثروا من إلقاء أمثالها عليه حتى يقع في حيرة، ويستبينوا منه