انتظام حال الاجتماع، إلا حينما تسير تحت مراقبة عقيدة دينية ثابتة.
* أسباب ظهور الإلحاد:
لا سعادة للأمة إلا بالوحدة، ولا وحدة للأمة إلا أن تكون سليمة العقيدة، سنية الأخلاق والآداب، فمن الحكمة: أن يراعى الإسلام هذه الوحدة التي هي وسيلة، ويأخذ في المحافظة عليها بالتي هي أحزم، فكان من أحكامه: منع الناس من أن يركبوا الطيش، ويعلنوا إلحادهم تحت رايته، فلم يكن الملاحدة قبل اليوم يعلنون إلحادهم، وما كانوا يدعون إليه إلا من وراء ستار، فكان الإلحاد في العصور الماضية لا يتجاوز نفراً قليلاً يعرفهم الناس في لحن أقوالهم، وبانهماكهم في الفجور، وقضاء أوقاتهم في المجون.
أما اليوم، فقد ظهر الإلحاد، ورفع رأسه، وتجاوز المجالس الخاصة إلى الصحف والمؤلفات، ولهذا - فيما أرى - أربعة أسباب:
أحدها: أن بعض الحكومات صارت تضع قوانينها الدستورية في عبارات لا يرى فيها الملحد قيداً يكفه عن إعلان إلحاده، أو الدعوة إليه كما يشاء.
ثانيها: أن كثيراً من المنتمين إلى علوم الشريعة، فرَّطوا في جانب الغيرة على الحق، فتراهم يوادّون من يصفهم الناس بالإلحاد، ويتملقونهم بالإطراء، ويشهدون لهم بالإخلاص للدين، يفعلون هذا رجاء متاع الحياة الدنيا، وهم يعلمون أنهم إنما يمدحون طائفة تفسد على الأمة أمر دينها وأخلاقها.
ثالثها: أن بعض الحكومات الإسلامية ترفع إلى مناصبها العالية من لم يتلقوا من علوم الدين ما يميزون به المفسد من المصلح، فيجد الجاحدون لديهم حظوة، ولو مع إعلانهم الإلحاد، وجراءتهم على الطعن في الشريعة الغراء، وإقبال كبراء الدولة على الملحد وتمكينه من المناصب التي يتخذها