للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عزتها وكرامتها، ولتشعر بأن من تلدهم سيعيشون كما تعيش الأمم ذات الشوكة أحرارًا، ولا تأمن بأس خصومها، ولا تنظر إلى مستقبل أبنائها، فتراه أغرّ محجّلًا، إلا أن يكون ما بينهما وبين رعاتها عامرًا بالنصح من ناحية، وبحسن الطاعة من ناحية أخرى، فبالنصح ترقى معاهد التعليم، فتستغني بعلم أبنائها وكفايتهم للعمل عن أن تستمد وسائل الدفاع والمنعة من وطن غير وطنها، وبحسن الطاعة ينتظم أمر الجند، وتبلغ القوة المالية غايتها.

وقد عني الإسلام - فيما عني - بهاتين الخصلتين العظيمتين: إخلاص ولاة الأمور للأمة، وطاعة الأمة لولاة أمورها، فأوجب على الولاة أن يقيموا سياستهم على رعاية الحقوق والمصالح، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، فلم يحطها بنصحه، إِلا لم يجد ريح الجنة" (١). ثم التفت إلى الرعية، فأمرهم بحسن الطاعة. ومن شواهد هذا: قوله- عليه الصلاة والسلام-: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة" (٢).

فالحق أن سعادة الأمة في أيدي رؤسائها، فإذا استقاموا على الطريقة، وساسوها برفق وحرص على مصالحها وكرامتها، سرت بجانبهم مستقيمة، فلا تلبث أن تنجح في سيرتها، وتظفر ببغيتها؛ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: ٦٤].


(١) "صحيح البخاري".
(٢) "صحيح البخاري".