ودلت التجارب على أن زائغ العقيدة، متى ملك جاهاً أو سلطة، فتن الأمة في دينها، وانتهك حرمات شريعتها، ولم يخلص النظر في إصلاح أمرها، ولاقى منه المؤمنون اضطهاداً، والجاحدون وأصحاب الأهواء مناصرة وإقبالاً، فيكون داعياً عمليًا إلى الخروج على الدين، فتموت الفضيلة والغيرة على الحقوق العامة، وينقطع حبل اتحاد الأمة إرباً.
* دواء الانحراف:
حَتمٌ علينا أن نسعى إلى أن يكون التعليم المديني شاملاً، فما من ناشئ إلا يتلقى منه مقدارًا يكفي لإنارة عقله وطمأنينة نفسه، ونقبل بعد هذا على كتب الدراسة، فنتخير منها ما هو حسن الوضع، نقي من كل ما ليس بشرع، وبهذا نأمن من أن يكون في نشئنا من ينحرف عن الدين جهلاً بحقائقه.
وإذا نحن سرنا في تقرير أصول الدين وأحكامه على طريقة إقامة الحجة، وبيان الحكمة، خففنا شر الصنف الذي ينكر أموراً من الدين بعلة أنها لا توافق المعقول، أو لا تتحقق بها المصلحة.
وإنما يستعان على جعل التعليم عاماً بعناية أولي الأمر ونصحهم في تدبير شؤون الأمة؛ حيث يقررونه في سائر المدارس، ويقومون عليه كما يقومون في سائر العلوم، ومما يسر الأمة أن ترى من ولاة أمورها بتعليم الدين الذي هو ملاك سعادة أبنائها في الدنيا قبل الآخرة.
ومن واجب أهل العلم - بعد هذا -: أن يرقبوا حركة الثائرين على الدين، ويكونوا على بصيرة مما يكتبونه في الصحف، أو يحضرون به في النوادي؛ ليقَوِّموا أوده، وينبهوا على خطره، حتى يستبين أمره، وتتضح أمام الناشئين