للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتهكها بعذاب النار؟!.

وقرر الفقهاء وجوب القيام على سقي الدابة وإطعامها؛ بأن يعلفها، أو يرعاها بنفسه، أو يَكِلَ لغيره رعْيها، ولو بأجر، ولم يختلفوا في وجوب ذلك عليه، وصرح طائفة منهم بأنه يجبر عليه قضاءً، فإن لم يفعل، بيعت الدابة، ولا تترك تحت يده تقاسي عذاب الجوع.

ومما نقرؤه في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه مر ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة (١)، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة" (٢).

وتحرم الشريعة الإساءة إلى الحيوان بتحميله من الأثقال ما لا يطيق، وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يعرفون أن من حمّل دابة ما لا تطيق، حوسب عليه يوم القيامة.

يروى عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -: أنه قال لبعير له عند الموت: يا أيها البعير! لا تخاصمني إلى ربك؛ فإني لم أكن أحمّلك فوق طاقتك.

وقال الغزالي في الحديث عن الرفق بالدابة، وعدم تحميلها ما لا تطيق: "والمحمل (٣) خارج عن حد طاقتها، والنوم عليها يؤذيها، ويثقل عليها"، وقال: "كان أهل الورع لا ينامون على الدواب إلا غفوة عن قعود".

وإنما يجوز الحمل على ما يطيق الحمل؛ كالإبل والبغال والحمير،


(١) التي لا تقدر على النطق.
(٢) "سنن أبي داود".
(٣) المحمل: شقان على البعير يحمل فيهما العديلان. ويقال: أول من اتخذه الحجاج ابن يوسف الثقفي.