أن تعلم كيف كان أثرها في نفوس من يقتدون بآدابه في كل حال، فإليك مثلاً من آداب عديّ بن حاتم أحد أفاضل الصحابة، هو: أنه كان يفتّ الخبز للنمل، ويقول: إنهن جارات، ولهن حق (١).
ومن أدب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي: أنه كان يمشي في طريق يرافقه فيه بعض أصحابه، فعرض لهما كلب، فزجره رفيق الأستاذ، فنهاه الأستاذ، وقال له: أما علمت أن الطريق بيني وبينه مشترك؟!.
فقد رأيت كيف حاربت الشريعة السمحة طبيعة القسوة على الحيوان، وقررت للتصرف فيه أحكاماً مبنية على قاعدة الرفق بكل ذي كبد رطبة، ولعلك تنتبه مما تلوناه عليك أن الإِسلام قد وضع لجمعيات الرفق بالحيوان أساسًا يقيمون عليه دعوتهم، وما من نفس أو جمعية تدعو إلى ناحية من الخير إلا وجدت في هذه الشريعة ما يؤيد دعوتها، ويهديها سبيل الرشد إذا تشابهت السبل عليها.
ومما تضطرم له القلوب أسفاً: أن تؤسس جمعيات الرفق بالحيوان في بلاد أوربة منذ نحو مئة سنة، ويرتفع صوت الدعوة إلى الرحمة بالحيوان أكثر مما يرتفع في بلاد الإِسلام، حتى ظن كثير من الأحداث والعامة الذين يقيسون الأديان بسير المنتمين إليها: أن الإِسلام لم يوجه عنايته إلى واجب الشفقة على الحيوان، وأن أوربا هي صاحبة الفضل في الدعوة إلى هذه الشفقة!.
أنشئت في إنكلترة جمعية الرفق بالحيوان الملكية (سنة ١٨٢٤ م)، ومما يثير الخجل أن يكون لتلك الجمعية فرع في بلد إسلامي كالقاهرة، ولا يقوم