أما اليوم، فقد أصبح انصراف شبابنا عن الزواج في ازدياد، حتى ظهر في مظهر ينذرنا سوء المنقلب، وما بعد هذا المنقلب إلا الانقراض، فحرام علينا أن نقف أمام هذا الخطر الداهم صامتين، وحقيق علينا أن نبحث عن العلل التي أصبحت بها قلة الزواج ظاهرة ظهور المرئي بالعين الباصرة. وعلينا - بعد البحث عن هذه العلل - النظرُ في طريق معالجتها؛ لعلّنا نقطعها من منبتها، وننقذ فتياتنا، ونحفظ أمتنا، ونطهر أوطاننا من خبائث لا تظهر إلا من إعراض الفتيان عن الزواج.
وإذا بحثنا عما يصح أن يكون سبباً لهذه الأزمة الاجتماعية، وجدناه يرجع إلى علل مختلفة.
وأظهر هذه العلل: تبرُّج كثير من الفتيات تبرج من استولى عليهن الهوى، ونضب من وجوههن ماء الحياء، حتى استوى في هذا التبرج الممقوت بعض الناشئات في بيوت غير فاضلة، وبعض المترددات على مدارس لا تعنى بتلقين الفضيلة، ولا يؤلمها أن تذهب الفتاة في الخلاعة إلى غاية قصوى.
وهذا المظهر الذي ظهر به كثير من فتياتنا اليوم، قد جعل الشاب يحجم عن الزواج؛ مخافة أن يساق إلى قرينة تستخفّ بجانب الصيانة، كما تستخف به هؤلاء السافرات المتهتكات.
وليس هذا الخوف بحق، فإن البيوت المحتفظة بالحشمة، الآخذة بأدب الصيانة، غير قليلة، يهتدي إليها كل من يبتغي الحياة الطاهرة، ولا سيما فتى لا يعنيه من الفتاة إلا أن يرتاح قلبه إذا نظر إليها، ويأمن على عرضه إن غاب عنها.
وإذا أردنا معالجة هذا التبرج الذي أوجس منه الشبان خيفة، فإن تبعته