ألا إن هذه وصمة تسوئ سمعة الأمة، وتجرح كرامة الحكومة، وتصيبنا في الصميم من بناء أخلاقنا، وإعداد أولادنا للحياة الفاضلة. وقد كان السكوت عليها هينًا في نظر بعض الناس يوم كانت المدارس محدودة، وكانت سياسة التعليم فيها ترمي إلى غرض واحد، هو تخريج موظفين على نمط خاص. أما الآن، وقد ضاقت الوظائف بأصحابها، وماجت مصر بمدارسها، وأتخمت المدارس من كثرة الإقبال عليها، وفشا الإلحاد والتضليل، وكثرت حوادث الاختلاس في الموظفين، وكاد حبل الأمن العام يضطرب من كثرة الجرائم لضعف الوازع المديني؛ فقد وجب أن تعدل سياسة التعليم، وأن تتجه إلى غرض سام شريف هو: إعداد شبان نافعين يواجهون الحياة العملية بضمير وصبر، ويحلون مشاكل الوجود بحكمة وشجاعة، ويصلحون لأن تتكئ الأمة عليهم في المهمات والنوازل. ولن يكون شيء من هذا إلا بتربية النفوس على آداب الإِسلام، وإشرابها من عهد الصغر ثقافة الإِسلام، كما بيّنا.
وهناك ناحية جديرة بالنظر، وهي أن وزارة المعارف قد شغلت وقت الطالب ببعض مواد أساسية، لا تمت بسبب وثيق إلى حياة الطالب العملية، فهل يصح في الأذهان أن تكون هذه مواد أساسية، ويكون الدين بجانبها مادة إضافية، على حين أن الطالب لا يمكن أن يستغني عن هداية الإِسلام لحظة واحدة إذا أراد أن يعمل لحياته العاجلة والآجلة؟! وإذا كان بعض العلوم قد اعتبر من المواد الأساسية؛ لمكان تأثيره في نضوج عقل التلميذ، فإن التعاليم الإِسلامية أولى أن تعتبر كذلك من المواد الأساسية؛ لمكان تأثيرها هي أيضاً لا في عقل التلميذ وحده، بل في عقله، وخلقه، وسلوكه جميعاً.