فالمخرج الوحيد هو اصطفاء نظار المدارس ممن يتشرفون بهداية الإِسلام، وليس ذلك بدعًا في التاريخ, ولا دعوة إلى عصبية؛ فإن دولة إنجلترا لا يمكن أن تعين ناظر مدرسة إلا إذا كان متمذهبًا بمذهب الدولة، وهو المذهب البرتستانتي، وتأبى عليها تقاليدها تعيين غير البرتستانتي، ولو كان مسيحيًا. بل إنهم يشترطون في مليكهم أن يكون متمذهبًا بهذا المذهب، وأن يحلف على احترامه إياه. فكيف نرضى نحن بتعيين نظار غير مسلمين يديرون دراسة الإِسلام فيما يديرون؟ ألا إن هذا بعيد كل البعد عن مصلحة التعليم نفسه، كما أنه مناف لروح الدستور الذي ينص على أن دين الدولة الرسمي هو الإِسلام.
* رأينا في الشكوك والشبهات:
بقيت لنا كلمة لا بد منها: وهي أن بعض الناس يلقون حبالاً وعصياً من الشكوك والشبهات في سبيل هذه المطالب العادلة. وقد كان أمر هذه الأوهام جليًا قبل أن تلمس الأمة بيدها خطر إهمال التعليم الديني في المدارس. أما الآن، فلا يمكن أن تروج أمثال هذه المزاعم إلا على السذج والبسطاء. فقد انكشف الغطاء، وضجت الأمة حكومة وشعباً من فساد التعليم، وانحلال أخلاق الشبيبة، وبأن للجميع سوء المصير الذي تستهدف له الدولة لو دامت هذه الحال، ولذلك بدأت الحكومات المصرية في العهد الأخير تعير الدين جانباً من الالتفات، وإن كان قليلاً، فمن الحكمة إذن أن نضرب صفحاً عن تسويد الصحيفة بإيراد تلك الشبهات، وتطويل المسافة على القارئ الكريم في علاجها، على أننا قد بسطنا هذه المزاعم وعالجناها في مذكرتنا الأولى والثانية. ثم عالجنا المهم منها في ثنايا هذه المذكرة.