أحقاب، فالمجمع اللغوي في ألمانيا تألف سنة ١٦١٧ م، والمجمع اللغوي في فرنسا تألف سنة ١٧٣٤ م، ولم ننس أن كلمات كثيرة حدثت في اللغة العربية لهذا العصر، وأصبحت تجري على ألسنة أدبائنا، وتخطها أقلام كتابنا، وهي عربية المنبت، خفيفة الوقع على السمع، آخذة حظها من مناسبة الوضع، ولكن العلوم تتدفق تدفق السيل، ومقتضيات المدنية تتجدد تجدد النهار والليل، وكل من المعاني العلمية والمرافق الحيوية يحتاج إلى أسماء تلتئم مع سائر الألفاظ العربية التئام الدرر النقية في أسلاكها، وتلك الكلمات المشار إليها إنما هي من صنع أفراد قد تنساق إليهم من نفسها، فيقع عليها اختيارهم، وتصادف في الناس حاجة، فتتلقفها ألسنتهم، وهذه الطريقة لا تشفي غلة العلم، ولا تملأ للمدنية عينًا، وإنما يشفي غلة العلوم المتكاثرة، ويملأ عين المدنية الزاخرة تأليفُ مجمع لغوي يسير مع العلوم والمدنية، لا يتأخر عنها طرفة عين.
ذكر ابن حزم في كتاب "الإِحكام" سنةً من سنن الكون في سقوط اللغة، فقال:"إن اللغة يسقط أكثرها ويبطل، بسقوط دولة أهلها، ودخول غيرهم عليهم في مسكنهم، أو تنقلهم عن ديارهم، واختلاطهم بغيرهم؛ فإنما يقيد لغةَ الأمة وعلومها وأخبارها قوةُ دولتها، ونشاط أهلها وفراغهم؛ وأما من تلفت دولتهم، وغلب عليهم عدوُّهم، واشتغلوا بالخوف والحاجة والذل وخدمة أعدائهم، فمضمونٌ منهم موت الخاطر، وربما كان ذلك سبباً لذهاب لغتهم، ونسيان أنسابهم وأخبارهم، وبُيود علومهم؛ هذا موجود بالمشاهدة، ومعلوم بالعقل والضرورة".
وقد أصاب ابن حزم في حكمه على الأمة التي تقع تحت سلطان من