ثالثها: إلحاق اللفظ بأمثاله في حكم ثبت لها باستقراء كلام العرب حتى انتظمت منه قاعدة عامة؛ كصيغ التصغير، والنسب، والجمع، وأصل هذا: أن الكلمات الواردة في كلام العرب على حالة خاصة، يستنبط منها علماء العربية قاعدة تخول المتكلم الحق في أن يقيس على تلك الكلمات الواردة، ما ينطق به من أمثالها.
رابعها: إعطاء الكلم حكم ما ثبت لغيرها من الكلم المخالفة لها في نوعها، ولكن توجد بينهما مشابهة من بعض الوجوه؛ كما أجاز الجمهور ترخيم المركب المزجي؛ قياساً على الأسماء المنتهية بتاء التأنيث، وكما أجاز طائفة حذف الضمير المجرور العائد من الصلة إلى الموصول متى تعين حرف الجرة قياساً على حذف الضمير العائد من جملة الخبر إلى المبتدأ، فتقول: قضيتُ الليلة التي ولدتَ في سرور؛ أي: ولدت فيها، جاز لك أن تقول: هذا الكتاب الورقة تساوي درهماً؛ أي: الورقة منه بدرهم.
وهذا النوع من القياس، والنوع الذي قبله هما موقع النظر ومجال البحث في هذه المقالات، واخترت للفرق بينهما التعبير عن الأول بالقياس الأصلي، وعن الثاني بقياس التمثيل.
= العرب غير خاص بالمعتصر من العنب، بل يتناول المتخذ من تمر النخيل بمقتضى الوضع، فتكون حرمته ثابتة بنفس الآية {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائده: ٩٠]، وإذا سلم اختصاص اسم الخمر في لسان العرب بالمعتصر من العنب، قال: حرمة المسكر من غير عصير العنب ثابتة بالقواعد الشرعية القطعية، والأحاديث الصحيحة النبوية؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر حرام".