ثانيها: ما لا يُختلف في قصره على السماع؛ لقلة ما ورد منه في الكلام؛ كالمصدر الوارد على "فِعّال"؛ نحو: كَذَبَ كِذَّابا، أو الوارد على فعّيلي؛ نحو: الحثيثي للمبالغة في التحاث. أو ما جاء على فَعَلى؛ نحو: جَمَزَى، وقد طعن الأخفش على بشار في قوله:
والآن أقصرَ عن سُميَّة باطلي ... وأشار بالوَجَلى عليَّ مشير
وقوله:
على الغَزَلى مني السلام فربما ... لهوتُ بها في ظل مخضلَّةٍ زهر
وقال: لم يسمع من الوجل والغزل فَعَلى، وإنما قاسهما بشار. وليس هذا مما يقاس، إنما يعمل فيه بالسماع.
ثالثها: ما جرى الخلاف في جواز القياس عليه؛ كطائفة من مصادر الفعل الثلاثي، نحو:"فَعْل" مصدراً للفعل المتعدي؛ كشرب، وفهم، ونصر، ونحو "فعَل" مصدراً لفَعِلَ اللازم؛ كفرح، ونحو "فُعُول" مصدراً لفعَل اللازم؛ كقعد، وغدا.
وسبب الخلاف في القياس: أن جمهور النحاة وجدوا لكل واحد من صيغ هذه المصادر أمثلة كثيرة تجري عليه بنظام، فذهبوا فيها مذهب القياس.
ورأى آخرون أن أفعالاً كثيرة مما يتحقق فيه شرط تلك المقاييس قد وردت مصادرها في صيغ خارجة عن القياس، فصرفتهم كثرة انتقاض هذه المقاييس عن الاعتداد بها؛ وذهبوا إلى أن مصادر الأفعال الثلاثية إنما يرجع فيها إلى السماع.
ثم إن الذين ذهبوا بها مذهب القياس فريقان: فريق يجعلها مقاييس لمصادر الأفعال التي لم تسمع لها مصادر، أما ما سمع له مصدر مخالف