للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للقياس، فرق بين النوعين، فجعل دخولها على اللازم مقيساً، ووقف دخولها على المتعدي إلى واحد على السماع.

ومن نظر إلى أنها تدخل على اللازم والمتعدي إلى واحد بكثرة، وهذه الكثرة المتحققة في النوعين تكفي في نظره لإباحة القياس، سوَّى بينهما، وجعلهما في صحة القياس سواء. وأما إجازة الأخفش لدخولها على الفعل المتعدي لمفعولين، فالحاقا لظن وأخواتها، باعلم وأرى؛ لتشابههما في العمل والدلالة على معنى قائم بالقلب.

ونظر السهيلي في معاني الأفعال، فقرر مذهباً رابعاً، وهو: أن كل فعل يكتسب منه الفاعل صفة في نفسه لم تكن فيه قبل الفعل، نحو: قام وقعد وجرى وفهم، صح لك أن تقول فيه: أفعلته، فإذا قلت: أقمته أو أقعدته أو أفهمته، فمعناه: جعلته على صفة القيام أو العقود أو الفهم، ولا تقول: أمدحته زيداً، أو أشتمته إياه، أو أذبحته الكبش؛ لأن العامل في هذه الأفعال لم يصر منها على هيئة لم يكن عليها، ولم يحصل له في ذاته وصف باق.

ومن الصيغ المختلف في إجرائها مُجرى المقيس عليه: وزن "فعَّل"، وقد سمع هذا الوزن في الفعل اللازم ليتعدى إلى واحد، نحو حسَّن وقبَّح وجدَّد، وفي الفعل المتعدي إلى واحد يتعدي إلى مفعولين، نحو ملَّك وبلَّغ وركَّب، ولم يستعمل التضعيف في المتعدي إلى اثنين ليتعدى إلى ثلاثة.

اختلف علماء العربية في هذه الصيغة، فرأى بعضهم أن تضعيف الفعل ورد بكثرة تقتضي فتح باب القياس، فتجاوز به حد السماع، وتدبر آخرون في كلام العرب، فوجدوهم يُعَدّون أفعالاً بهمزة النقل؛ نحو: أضحكه وأضجره وأظهره وأزهقه وأرشده وأتحفه، وأشبعه وأصلحه وأغضبه، ويعدّون أفعالاً