للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الطبيعي يقتضي أن تذكر الكلمة التابعة عقب الكلمة المتبوعة، ومن ثم قرروا في أصولهم: أن المعطوف عليه يتقدم على المعطوف، والمؤكد يقدم على التوكيد، والمنعوت يتقدم على النعت، والمبين يتقدم على البيان، والمبدل منه يتقدم على البدل، والمستثنى منه يتقدم على المستثنى، والمميز يتقدم على التمييز، وصاحب الحال يتقدم على الحال.

فمن يجيز تقديم كلمة تابعة على متبوعها، فإنما تقبل دعواه متى كانت مصحوبة بدليل. فالكوفيون- مثلاً - أجازوا تقديم المعطوف على المعطوف عليه، والكسائي والمبرد سوَّغا تقديم التمييز على عامله، والفرَّاء والأخفش ذهبا إلى صحة تقديم الحال على عاملها الظرف أو الجار والمجرور. وابن برهان وابن كيسان نباحا تقديم الحال على صاحبها المجرصر بالحرف، وما أجاز هؤلاء التقديم في هذه المسائل، وهو مخالف للقياس، إلا مستندين إلى شواهد رأوها كافية في تقرير ما ذهبوا إليه.

ومن فروع هذا الأصل: أن لا يتقدم الضمير على معاده، واستثنوا من ذلك مواضع، أجازوا منها تقديم الضمير على معاده: إما باتفاق؛ كتقديم ضمير الشأن، وإما مع اختلاف؛ كتقديم الضمير العائد على مفعول متأخر عنه، والأصل في محل الاختلاف بيد من لا يجيز عوده على المتأخر عنه في نظم الكلام إلى أن يأتي المخالف بشاهد صحيح، وكذلك كان مذهب الأخفش، وأبي الفتح في إجازة عود الضمير المتصل بفاعل مقدم على مفعول متأخر لم يقف أمام مذهب الجمهور الذين يمنعون هذه الصورة إلا بما احتف به من الشواهد؛ نحو:

جزى بنوه أبا الغيلان عن أكبر ... وحسن فعل كما يجزي سِنمَّار