البتة، وهذا كما شرطوا لعمل إن وأخواتها الترتيب في الوضع؛ بأن يأتي اسمها مقدماً على خبرها، فإن المتكلم إذا لم يوف لها هذا الشرط لا يسوغ له أن يدخلها في التركيب، ولو مع إهمالها.
وهذا النوع من الشروط هو الذي يختلفون فيه كثيراً؛ فإن للمخالف في الشرطية أن يدَّعي أن مقارنة ذلك الوصف أو اللفظ إنما كانت على سبيل الاتفاق، لا على أنها لازمة بحيث يكون العمل موقوفاً عليها، إذ لا يوجد في هذا القسم صورة تبين كيف أهمل العامل من أجل تخلف ذلك الوصف أو اللفظ، مثلما وجد في القسم الأول.
ولمدَّعي الشرطية أن يقول: إني لم أر هذه الأداة عاملة إلاَّ مع هذا الوصف أو اللفظ الخاص، فاعده شرطاً للعمل، ومن ينفي الشرطية، فعليه بإقامة الدليل.
فمنكر الشرطية إما أن يسوق شاهداً على عملها مع عدم ذلك الوصف أو اللفظ، أو يمنع أن يكون لارتباط العمل به وجه مناسب.
فإن سلك الطريقة الأولى، وهي إقامة الشاهد الصحيح على العمل مع تخلف الوصف أو اللفظ، فقد رمى بسهم صائب، وأصبح مذهبه في حرز من الصحة. ومثال هذا: أن البصريين يقولون: لا يصح العطف على الضمير المجرور إلا بشرط إعادة حرف الجر. وخالفهم الكوفيون، فأجازوا العطف مع عدم إعادة الجار، وأقاموا على مذهبهم شواهد، منها: قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[النساء: ١]، وقول الشاعر:
"فاذهب فما بك والأيامِ من عجب"
وقد يستمر مدعي الشرطية متشبثاً برأيه، ولو بعد أن تلقى عليه الشواهد