قواميسنا العربية. وقد أصبحنا - مع هذا - لا نستنكف من التكلم بها، وإيداعها كتاباتنا أحياناً. وقد أصبحنا -معشر العرب- مع معاجم لغتنا تجاه أمر واقع غريب الشكل، ذلك أننا نرى ألوفاً من الكلمات العربية الحوشية المهجورة الاستعمال قد تبوأت من قواميسنا الصدر والمحراب، وألوفاً من الكلمات الدخيلة التي ألفتها الأسماع، والتي نرى أنفسنا مضطرين لاستعمالها قد حرمت دخول المعاجم، وطرحت وراء الأبواب.
وهذا على خلاف ما عليه الحال في لغات الأمم الراقية؛ فإن معاجمها اليوم تتضمن من الكلمات القديم والحديث، والأصيل والدخيل، وميزان التفاضل بينهما إنما هو استعمال البلغاء لها، لا لكونها أصيلة أو دخيلة، فإذا تصفحت معجم (لاروس) - مثل -، وجدت فيه إزاء الألفاظ الإفرنسية المحضة ألفاظاً أخرى من لغات مختلفة، فنجد من اللغة العربية - مثلاً - كلمات: mesquine " مسكين"، felouque " فلك"، marbout " مرابط"(شيخ صوفي)، bled " بلد"، cable " جبل"، sirop " شراب"، houri " حورية"، mantille " منديل"، jare " جرة" في نظير ذلك من الكلمات العربية التي يحلونها المحل الأرفع من معاجمهم، ويزينون بها خطبهم وكتاباتهم. ولا يخفى على حضراتكم - أيها السادة - أن الكلمات الدخيلة التي سميناها:(غير قاموسية) تبقى مرذولة سيئة السمعة ما دامت لا تذكر في معاجمنا العربية. وما دام كتابنا المجيدون يأنفون من استعمالها خشية أن ينسب إليهم قصور، أو توصم كتاباتهم بلوثة العجمة، وكل ما أريد الآن من أفاضلنا أن لا ينظروا إلى الكلمات (غير القاموسية) نظرة ازدراء، ولا يحرموا استعمالها على السواء، بل أقترح عليهم أن يضعوها، ثم يميزوا بين أصنافها، فصنف منها يعلن مجمعنا