وسيلة من وسائل الارتقاء وسعادة الحياة، أهملتها أمة غير متحدة في الملة، فكيف يستقيم لنا أن نلقي مسؤولية ذلك على عاتق دين لا تنسحب واجباته على جميعها، وليس التصرف في ترقية حال اللغة من متعلقات السياسة خاصة حتى يقال إن أمره في يد الهيئة الحاكمة، وهي متلبسة بشعار الإسلام. فلو نهض أفراد من أمة غير مسلمة يسعون إلى عمل لا يلحق بغيرهم ضرراً؛ كإصلاح لسانهم، لم يكن للدولة الإسلامية بوصفها إسلامية أن تعاضهم، وتحول بينهم وبين ذلك المسعى، صان كان عملاً غير صالح في شريعة الإسلام. فليس من العدل في القضية أن نسند موت اللغة -لو وقع - إلى الإسلام وحده، وهي لسان أمم لا تجمعها شريعته.
قال المسامر: إن هذه اللغة ضيقة النطاق، لا تسع تحريرات العلوم العصرية، ولا يمكن أن يوجد فيها أسماء لهذه المخترعات، نحو: فوتغراف، وتلفون. وهذه قضية تردها شهادة التاريخ والعلم؛ فإن علوم الحكمة والطب والهندسة والحساب والفلك والمنطق وغيرها قد ترجمت في عهد الدولة العباسية، ودونت بالقلم العربي، وأصبحت تدرس بلسان عربي مبين، وأما شهادة العلم، فانه يمكننا أن نضع لهذه المعارف الحديثة أسماء عربية، وهو أحسن الطرق وأفضلها؛ لئلا تكثر الألفاظ الدخيلة، وتتغلب على ما هو عربي، فتؤول بكثرتها إلى خروج الكلام وانسلاخه عن صبغته العربية؛ فإن اللغات تتمايز بالأساليب، وبالمفردات، إلا ما كان قليلاً.
ولما كانت العربية من اللغات المتصرفة يُشتق منها اسم الفاعل والمفعول، والمكان والآلة، سهل الطريق إلى وضع أسماء مفردة لهذه المستحدثات؛ فإن أكثرها من قبيل المكان، أو الآلة، أو الموصوف بالفعل، وهناك وسيلة