الأصلي، ويوضع لمعنى علمي أو مدني حديث وضعاً مستانفًا؛ لمناسبة بين المعنيين؛ كأن يتفق طائفة على نقل اسم "السَّلوف" من الناقة التي تكون أوائل الإبل، إذا وردت الماء، ووضعه للعربة التي تكون أول القطار- مثلاً -, ثم أخذوا يستعملونه في هذا المعنى الجديد، بانين استعمالهم على هذا الوضع المتفق عليه، لا لملاحظة علاقة المشابهة، والظاهر أن هذا النقل لا يرجع إلى واحد من الوجهين المذكورين آنفاً.
أما امتناع رجوعه إلى الوجه الأول، فلأن استعمال اللفظ في معنى بناء على أنه وضع له وضعاً خاصاً، لا يسمى مجازاً، وأما امتناع الوجه الثاني، فلأن العربة التي تكون في أول القطار ليست فردًا من أفراد المعنى الذي وضع له لفظ "السلوف".
ويدلك على أن اللفظ الذي يستأنف وضعه لمعنى غير معناه الأصلي، لا يكون استعماله في هذا المعنى من قبيل المجاز: أن طائفة كبيرة من أهل العلم خالفوا من ذهب إلى أن الأسماء الشرعية؛ كالصلاة ونحوها قد استعملها الشارع في معانيها الإسلامية على وجه المجاز، وقالوا: إن صاحب الشريعة نقل هذه الأسماء، ووضعها لهذه المعاني بوضع جديد؛ كمولود يولد، فيوضع له اسم يعرف به بين الناس، فيكون استعمال الصلاة في العبادة المخصوصة لأول مرة من قبيل الحقيقة الشرعية.
فإن خطر على بال أحد أنَّ وضع الألفاظ للمعاني لا يملكه إلا العرب، وأجاز مع هذا للطوائف من أرباب العلوم والصناعات أن يتفقوا على لفظ معين يجعلونه دليلاً على معنى علمي أو صناعي، غير أنه يرى استعمال اللفظ بعد هذا الاتفاق من قبيل المجاز، لم يكن للخلاف بينك وبينه ثمرة عملية،