السدوسي، والنضر بن شميل، وكذلك ثعلب، والكسائي، والقاسم بن سلام، وأبو حنيفة الدينوري.
والموثقون من علماء العربية كثير، والمطعون فيهم قليل، ويعتمد في التوثيق وعدم التوثيق على من عاصرهم من أهل الصدق، ولم يكن بينهما منافرة. فلا يعتمد على قلة الثقة بابن دريد على ما قاله فيه نفطويه؛ لأن بينهما منافرة فقد قال فيه:
ابن دريد بقرة ... وفيه عِيٌّ وشَرَه
ويدَّعي من حمقه ... وضعَ كتاب "الجمهرة"
وهو كتاب "العين" ... إلا أنه قد غَيَّره
وقد نفهم صدق العالم من تأليفه. فتتبع كلام الرجل المختلف الغايات يدل على شيء من أخلاقه وطبائعه، مثال هذا: ابن الأنباري الذي يقول في قصيدته التي خاطب بها أبا زكريا الحفصي يرغب منه النصرة لأهل الأندلس:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا
والقصيدة طويلة بليغة للغاية. فالذي ينظم هذه القصيدة المملوءة بلاغة وغيرة لا يكون إلا نقي الأخلاق، بعيداً عن أن يقول في العربية ما لم يسمع.
والذي يشترط فيه الصدق هو من ينقل عن العرب أنفسهم؛ كالأزهري في "التهذيب"، أو من ينقل عن الثقة الذي ينقل عنهم؛ كالجوهري صاحب "الصحاح". أما صاحب "المصباح"، فأكثره متابع للمعاجم المعروفة، ونجد فيه ألفاظاً لا توجد في المعاجم التي بين أيدينا؛ كرفيع بمعنى: رقيق، وكعوائد: جمع عادة.