كالقاسم الحريري؛ فقد ألَّف "درة الغواص في أوهام الخواص"، وكثر ما جعله وهمًا، وليس بعربي فصيح، رده شارحو كتابه: الشهاب الخفاجى، والشيخ محمود الألوسي بأنه عربي فصيح، إما بمطابقته لقول بعض النحاة، أو بوجه عربي مقبول. وعلى فرض أن سجل ما ينطق به أشباه العامة، فعلينا أن نضع علامات لما زيد على العربية الفصحى.
ومن أدبائنا من يمشي في طريق معاكس لهذا، فيسبق إلى ذهنه أن استعمال العامة من الناس لكلمة توافق العربية، فيستعملها على أنها عربية فصيحة، ويتبين أن العامة لم يستندوا إلى نطق عربي فصيح، ولو قبلنا هذه الكلمة، لزم أن نقبل كل ما تنطق به العامة مخالفاً العربية الفصحى؛ كاشتقاق بعضهم اسم الفاعل من فخم: فخيم، والعرب يقولون: هو فخم، ولم يقولوا: فخيم، وقول العامة: عمولة، وهي في اللغة: عمالة - بالكسر والضم -. ثم إنا لو قبلنا دخول هذا في معاجمنا على أنه من العربية الفصحى، لكثر في اللغة المترادف: اللفظ العربي، واللفظ العامي الذي زيد عليه. ومن أدبائنا من يرون كثرة المترادف في اللغة من العيب فيها، وأنه يجب إعدامه.
ولا يضرنا وجود المعرب في اللغة إذا اقتضت الحاجة، ولا سيما إذا لم يوجد له مثال قريب من العربية. وقد أخذ الأتراك كلمتي: فانوس، وفنار من اليونان، ثم أخذتهما أمم عربية، وصارتا من مفرداتها اللغوية. وكذلك: الجذوة؛ فقد قال في المعجم التركي شمس الدين سامي: هي مأخوذة من العربية، والأصل: قبسة من النار. ويستعمل في تونس:"كاهية" لنائب الرئيس، قال السيد محمد فريد في رحلته إلى تونس: إن أهل تونس يطلقون كاهية بمعنى: وكيل الرئيس، وهي محرفة عن "كيخيا" المحرفة هي أيضاً عن