للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى المصدر المخالف له بعدم جريانه على فعله، ومثاله: الكلام، والسلام، والعون، والكبر، والطاقة، والطاعة، والعطاء، والعسرة، والثواب؛ فإن هذه الكلمات ونحوها غير جارية على أفعالها: والجاري على سَلَّم: التسليم، وعلى كَلَّم: التكليم، وعلى أَعان: الإعانة، وكذلك سائرها؛ أي: والجاري على تكبر: التكبر، وعلى أطاق: الإطاقة، وعلى أطاع: الإطاعة، وعلى أعطى: الإعطاء، وعلى أعسر: الإعسار، وعلى أثاب: الإثابة، فالجاري هو المصدر، وغير الجاري هو اسم المصدر".

وقد رأيتموه كيف أتى بهذه الأمثلة من الصيغ التي جاءت حروفها أقل من حروف الفعل، وهذا ما يصرح به جمهور النحويين؛ إذ يجعلون الفرق بين المصدر واسم المصدر في اللفظ: أن تكون أحرف اسم المصدر أقل من أحرف الفعل، فإن ساوت أحرفُ الصيغة أحرفَ الفعل، أو كانت أزيدَ منها، فذاك هو المصدر، والظاهر أن أبا إسحاق يريد بجريان المصدر على فعله: أن يكون المصدر مشتملًا على أحرف الفعل، سواء كانت أحرفه مساوية، أو أزيد، ويعدم الجريان على الفعل أن تكون أحرفه أنقص من أحرف الفعل، فيدخل في تعريف المصدر: المصادرُ غير القياسية، وهي المصادر الشاذة الموقوفة على السماع، فتكون الصيغ التي تدل على الحدث: مصادر قياسية، ومصادر سماعية، وأسماء مصادر.

وقد ذكر ابن القيم في كتاب "بدائع الفوائد" هذا الفرق، فقال: "إن المصدر هو الجاري على فعله الذي هو قياسه؛ كالإفعال من أفعل، والتفعيل من فَعَّل، والانفعال من انفعل، والتفغُّل من تفغل، وأما السلام والكلام، فليسا بجاريين على فعليهما، ولو جريا عليه، لقيل: تسليم، وتكليم.