للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غزراً، وغزراً؛ أي: أكثر، فقد قال الأصمعي كما في "أمالي أبي علي القالي": إن الغزر لغة أهل البحرين، والغزر - بالفتح - اللغة العالية.

ويدلكم على أن تعدد المصادر قد يكون من اختلاف اللغات: أن قياس أهل نجد كما قال الرضي في "شرح الشافية" أن يقولوا في مصدر مالم يسمع مصدره من فعَل - المفتوح العين -: فُعول، متعدياً كان أو لازماً، وقياس الحجازيين فيه: فعل، متعدياً كان أو لازماً.

ونشأ من إيراد المصادر من غير أن تنسب إلى قبائلها أن ألحقوا بعض المصادر باسم المصدر، وإنما هو مصدر في لغة من اللغات؛ كما عد بعضهم شُرباً - بضم الشين - اسم مصدر لشرب، وإنما هي لغة تميم، قال صاحب "المزهر": شربت الماء شَرباً، وبنو تميم يقولون: شربت الماء شُرباً.

٢ - ومن المصادر الجارية على بعض الأفعال ما يوضع موضع مصدرٍ آخر جارٍ على فعله الخاص؛ كوضع تعقيد موضع تعقُّد، في قولك: فصاحةُ الكلام: خلوُصه من التعيقد،. إذ الكلام إنما يوصف بالتعقد، لا بالتعقيد، ولكنك وضعت التعقيد موضع التعقد، وقد جاء في الكتاب العزيز: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: ٨]، وضع هنا التبتيل موضع التبتُّل، وكثيراً ما يقول المتقدمون في مثل هذا النوع: اسم أقيم مقام مصدر كذا، وسماه سيبويه في كتابه: مصدراً، فقال: باب: ما جاء المصدر فيه على غير الفعل؛ لأن المعنى واحد، وذلك قولهم: اجتوروا تجاوراً، وتجاوروا اجتواراً، فإن معنى اجتوروا وتجاوروا واحد، وأورد في هذا القبيل آية: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} وقول القطامي:

وخير الأمر ما استقبلت منه ... وليس بأن تَتَبَّعُهُ اتِّباعا