للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، وإذا أراد المتكلم أن يدل على معنى الفعل غير ملاحظ تعلقه بفاعل أو مفعول، كان الأولى أن يدل عليه باسم المصدر؛ لأنه أخصر، وله أن يعبر بالمصدر؛ إذ المصدر نفسه قد يستعمل في العربية مشاراً به إلى الاحداث كذات قائمة بنفسها، وذلك ما يعنونه بقولهم: المصدر معنى الثبوت، وما يشار به إلى الحدث باعتبار تعلقه بفاعل أو مفعول، وهو ما يعنونه بقولهم: المصدر بمعنى الحدوث (١)، ومن المعروف في اللسان الألماني أن المصدر قد يستعمل كالمصدر الاسمي مراداً منه الحدث المجرد ويصلونه بأداة التعريف der kammen المجيء، der sehen الرؤية.

ويسوغ لنا أن نطرح من أسماء المصادر كل اسم معنى له فعل ثلاثي يلاقي الفعل المزيد في المعنى، ونذكره على أنه مصدر للفعل الثلاثي، وإذا استعمل مع الفعل المزيد كأنه مصدر له، جعلناه من قبيل المصدر الذي وضع موضع مصدرآخر، وليس كل مصدر أقيم مقام مصدر آخر يستحق أن يسمى: اسم مصدر، فنحو لفظ: نبات له فعل ثلاثي هو نبت، فاستعماله مع الفعل الذي يلاقيه في المعنى، وهو أنبت، لا يقتضي دخوله في قبيل اسم المصدر، وإنما هو مصدر أقيم مقام مصدر آخر؛ لخفته، أو لاستقامة الفاصلة، أو القافية، ونحو ذلك من مقتضيات حسن البيان.

وممن درج على الفرق بين اسم المصدر وما وضع موضع المصدر: صاحب "المصباح" حين تكلم عن لفظ نبات في آية {أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: ١٧]، وقال: قيل: وضع موضع المصدر، وقيل: هو اسم مصدر.

أما اسم المعنى الذي لم نجد له فعلاً ثلاثياً يلاقي الفعل المزيد في


(١) "شرح ابن هشام لقصيدة بانت سعاد".