"اعلم أنهم إذا أرادوا أن يذكروا كثرة حصول شيء بمكان، وضعوا له مفعلة - بفتح الميم والعين -، مع لزوم التاء إياها. وهذا قياس مطرد في كل اسم ثلاثي؛ كقولك: أرض مسبعة؛ أي: يكثر فيها السباع، ومأسدة؛ أي: يكثر فيها الأسد، ومذأبة؛ أي: يكثر فيها الذئب، ومحياة؛ أي: يكثر فيها الحيّة، ومفعاة؛ أي: يكثر فيها الأفعى".
ومن هؤلاء الطائفة: أبو الحسن الأخفش - على ما نسب إليه ابن سيده في كتاب "المخصص"(١) -، ونصه:"ومكان مَوْعَلَة: كثير الوعول، ومفدرة: كثير الفدور، وهي الوعول المسنة، مطرد عند أبي الحسن".
وأشار إلى هذا المذهب المرتضى شارح "القاموس" في مادة أسد، فقال:"والمكان المأسدة أيضاً، وهو الأرض الكثيرة الأسود؛ كالمسبعة كما في "الروض"، وبعضهم جعله مقيساً؛ لكثرة أمثاله في كلامهم".
وعبارة سيبويه في "الكتاب" تنحو بظاهرها نحو هذا المذهب، ونصها:"هذا باب ما يكون مفعلة لازمة لها الهاء والفتحة، وذلك إذا أردت أن يكثر الشيء بالمكان، وذلك قولك: أرض مسبعة ومأسدة ومذأبة، وليس في كل شيء يقال ذلك، إلا أن تقيس شيئاً، وتعلم أن العرب لم تتكلم به".
ونقل ابن سيده في كتاب "المخصص" عبارة سيبويه، وكساها شيئاً من البيان، فقال:"قال سيبويه: وليس في كل شيء يقال هذا؛ يعني: لم يقل العرب في كل شيء من هذا، فإن قست على ما تكلمت به العرب، كان هذا لفظه".
فالظاهر من عبارة سيبويه إجازة القياس على ما تكلم به العرب في