وليس من التحقيق في العلم أن نمر على هذه الكلمات في شعر أو نثر دون أن نفهم معانيها، إلا أن يريد الأستاذ من الحكم بالإعدام: إعدام هذه الأنواع من الكلمات، وإعدام الشعر أو النثر الذي يحملها، فالحيزبون - مثلاً - ورد في شعر عبيد بن الأبرص من الجاهلية، والدردبيس وردت في شعر جزي الكاهلي، إلى غير هذا من الكلمات، بل نجد أشعار البلغاء من الإسلاميين والمحدثين عامرة بكثير من الكلمات الحوشية، وإذا صح لنا أن نقول لمن يزاولون صناعة الفصاحة: لا تستعملوا الكلمة الحوشية؛ فإنها مخلة بالفصاحة، فليس بأيدينا أن نقول لهم: لا تستعملوا هذه الألفاظ المترادفة، وهي مأنوسة الاستعمال، خفيفة على اللسان، كما أنا لا نستطيع أن نقول لهم: لا تستعملوا هذا اللفظ الذي قيل: إنه من أسماء الأضداد، فإن بأيديهم حجة قوية إذ يقولون: نحن أعرف بما يقتضيه المقام، ونفرق بين الكلام الذي يجب أن يكون نصاً صريحاً فيما يراد منه؛ كالمؤلفات العلمية، وعقود المعاهدات والمعاملات، والكلام الذي يحسن أن تقوم فيه القرائن الجلية مقام التصريح، أو القرائن الخفية مقام القرائن الجلية، أو يقوم فيه الإبهام مقام الإيضاح، ولا يمتري أحد في أن كثيراً من المراسلات والمحاصرات الأدبية والسياسية تقوم على البراعة في هذا الأسلوب من الكلام، وقد يكون لنحو التورية والتوجيه والإبهام أغراض نبيلة، وصور من المعاني تستروح إليها النفوس، ويزداد بها أدب اللغة ثراء يغبط عليه.
ورأى الأستاذ أن المترادفات لازمة للشعر العربي حيث تلتزم وحدة القافية والروي في القصيدة الطويلة، وأشار على الشعراء أن يهجروا هذه الطريقة، ويأخذوا بطريقة تعدد القافية حتى يمكن تنفيذ حكم الإعدام على