علماء اللغة إلى قسمين: ما يجب تأنيثه، وما يجوز تأنيثه وتذكيره، وقد تعرض لجمعها بعض كتب فقه اللغة؛ كـ "المخصص"، أو كتب النحو؛ ككتاب "المكمل في شرح المفصل"، وقصد بعضهم إلى جمعها مستقلة؛ كما صنع ابن جني، وابن الحاجب، وكنت منذ عهد بعيد قد تتبعتها في هذه المؤلفات وغيرها، فبلغت نحواً من مئة وستين اسماً، وقد تختلف عبارتهم في واجب التأنيث وجائزه، وإذا نحن أتينا إلى كل ما روى فيه أحد العلماء الوجهين من التذكير والتأنيث، وجعلناه في قبيل المتفق على أنه جائز التأنيث، بقي لنا فيما يجب تأنيثه نحو أربعين كلمة ونيف، وهذا المقدار قريب المأخذ متى أردنا المحافظة على ما هو جار في الاستعمال الفصيح.
ثم إن من ينظر في اللغة الألمانية يجد كلماتها التي يرجع تأنيثها إلى السماع لا تكاد تدخل تحت حساب، فهل خطر على بال طائفة من علمائها أن يبدلوا هذا الوضع من أوضاعها بدعوى أنه فوضى واضطراب؟. ثم إن وجود هذا القسم - أعني: واجب التأنيث - هو الذي يشهد له الاستعمال المعروف في الكلام الفصيح، وقرر جمهور علماء العربية التزام هذا الاستعمال، ولكن بعض اللغويين أجازوا نحو: الشمس طلع، والسماء أمطر، والأرض اخضرّ، قال الألوسي في "شرح ضرائر الشعر": "وعن ابن كيسان الجوهري أن الفعل إذا كان مسنداً إلى ضمير المؤنث المجازي لا يجب إلحاق علامة التأنيث به".
ورأى الأستاذ أن يعد في اللغة ما استعمله أبو تمام والبحتري والمتنبي وأبو العلاء، ومن أتى بعدهم على منوالهم، وقال: فإذا استعمل هؤلاء لفظة،