ولنترك مناقشة الأستاذ في تنظيمه للأفعال الثلاثية حتى يفصله، ومتى كان الأستاذ يريد من قوله:"ولا نجيز أن يكون مضارع فعل من باب ينصر"، فعد الذي لم يسمع مضارعه، فله أن يكتفي بوزن واحد، ولا يحجر على غيره أن ينطق به على وزن ينصر ما دامت قواعد اللغة تسمح بذلك.
قال الأستاذ:"فإذا جاز لأبي زيد أن ينظم بعض التنظيم، فنحن أحق ما نكون للتنظيم الكامل، وأقدر منه".
يعمل أبو زيد وأمثاله لتنظيم اللغة في دائرة الإبقاء على أوضاعها ومقاييسها المنظور فيها إلى استعمال فصائحها، ولسنا أقدر منهم على هذا التنظيم المعقول. أما التصرف في اللغة بنحو الهدم والتغيير والتبديل، فغير علماء العربية أسرع إليه، وأقدر عليه من علماء العربية.
قال الأستاذ:"وهناك أبواب أخرى في اللغة العربية مسببة للخلط والاضطراب؛ كباب التعدي واللزوم، وباب العدد، والمصادر، وكثرتها وبعثرتها، وجموع التكسير واضطرابها ... إلخ، وكلها تحتاج إلى ضبط، ولو بتضحية أرجئ القول فيها إلى فرصة أخرى".
ذكر الأستاذ في الأبواب التي يراها مسببة للخلط والاضطراب: باب العدد، وأذكر بهذه المناسبة أن شخصاً كتب في إحدى المجلات مقالاً حاول فيه قلب بعض الأوضاع العربية، وذكر في جملتها تذكير العدد للمؤنث، وتأنيثه للمذكر، واقترح تغيير هذا الوضع.
ونحن نعود فنقول: إن الأخذ بمثل هذا الاقتراح ينحرف بنا عن الغرض النبيل، وهو المحافظة على سلامة اللغة العربية؛ إذ هو اقتراح لإعدام شيء من مميزاتها، ولو مشينا في هذا السبيل، لكنا نعمل لإفناء اللغة العربية،