للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا سلك بعض النحاة في المثالين ذلك الوجه الخارج عن الأصول، فلأن غيره من الوجوه لا يخلو أيضاً من مخالفة بعض الأصول.

فتأويل كاتب المقال يشارك تأويل الجمهور في تقدير عامل النصب، ولكن تأويل الجمهور موافق للأصول من جهة إبقاء الواو على معنى العطف الذي يقتضي التشريك في اللفظ والحكم.

ثم ذكر كاتب المقال وجوهاً أبداها النحويون في إعراب صيغة التحذير، وقال: "ومن يوازي بين هذه التكلفات التي ذهبوا إليها، وبين التأويلين السهلين اللذين اخترتهما، لا يتردد في اختيارهما على تكلفاتهم، ولا يهمه نسبتهما إلى علمائنا الأوائل، فكم ترك الأول للآخر! ".

حدثناك عن بعض الوجوه التي يراها النحويون في إعراب صيغة التحذير، وأريناك أنهم لم ينصرفوا فيها إلا بتقدير عامل النصب، وكاتب المقال يشاركهم فى هذا التقدير، ومن وجوه الفرق بينهما: أن ما يقدره النحاة يدل على طلب الابتعاد من المحذر منه بأصل وضعه، وما يقدره كاتب المقال موضوع للإخبار، وإنما يؤخذ منه الطلب بدليل خارج عن مدلول الصيغة بحسب وضعها.

ثم إن العامل الذي يقدره النحاة يجري في نحو: رأسَك والسيفَ، والفعل الذي يقدره كاتب المقال لا يجري في نحو هذا الضرب من التحذير.

ويلاقيك في تأويل كاتب المقال وجوه من الضعف لا تجدها فيما يقوله النحويون، مثل: دعوى زيادة الواو، أو أنها بمعنى من، أو أن العطف بها للتشريك في اللفظ دون الحكم.