الحياة بالعنف والقسوة؛ لأن الطبيعة تأبى كل عنف، وهي أقوى من كل قوة، ولسنا نملك أن نقاومها إلا بأن نطيعها، ونعرف أسرارها، ثم نتجه بها ومعها إلى حيث نحتال أن نصل بها".
قد عرفت وجه الحالة الملحة إلى أن تكون الشعوب العربية مرتبطة بلغة واحدة، واللغة الفصحى هي المحبوبة لهم جميعاً، وهي التي يرضون بالتوجيه إليها أن تكون جامعة لشتاتهم، ثم هي معروفة بينهم في الجملة، فبذل شيء من العناية يجعل جريانها على الألسن أمراً ميسوراً.
وحضرة العضو نفسه يقول في بعض المواضع من مذكرته: فالفرق لا يزال ضئيلاً بين العامية وبين الفصحى.
قال حضرة العضو المحترم (ص ١٢): "والذي يجعلنا نحرص على اللغة الفصحى واضح لا يحتاج إلى بيان، فلو لم تكن العربية لغة القرآن الكريم، ولو لم تكن كنوزنا القديمة هي أكبر ما نملك من ثقافة إنسانية، لكان من الهين علينا أن نقبل على هذه العامية بكل جهودنا، فنسمو بآدابها، ونودعها ثمار كل ما في شعوبنا من عبقرية، فتصبح هي لغتنا، ولا ضرر علينا أن تكون لنا لغة ليست هي الفصحى".
قد فات حضرة العضو وجه مهم من الوجوه التي تجعل انصرافنا عن اللغة الفصحى غير هين علينا، وهو حسن بيانها، وسعة وجوه تصرفاتها، وسمو منزلتها في البلاغة، تلك المزية التي تدعونا إلى أن نقبل بكل جهودنا على أن نحتفظ بها، ونودعها ثمار كل ما في شعوبنا من عبقرية، ومن الضرر الفادح في اتخاذنا لغة غير الفصحى سد أبواب التفاهم بين شعوب عربية، من الخير لها جميعاً أن تكون لها لغة واحدة، بها يتعارفون ويتخاطبون،