للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الثمار، فيعمد الخرّاف لها، ويجتنيها بأجمعها، دون أن يناله ذلك الشوك بأذى.

ومن أبدع ما جاء على هذا النمط: قول ابن رشيق القيرواني:

رجوتك للأمر المهم وفي يدي ... بقايا أُمنّي النفس فيها الأمانيا

وساوفت لي الأيام حتى إذا انقضت ... أواخر ما عندي قطعت رجائيا

وكنت كأني نازف البئر طالباً ... لأجمامها أو يرجع الماء صافيا

فلا هو أبقى ما أصاب لنفسه ... ولا هي أعطته الذي كان راجيا

وإما أن يصرح لك بالمحل الذي يجعله مناطاً للحديث عنه، ثم يسوق القول كله على طريق التخييل؛ كقول بعضهم:

إني داياك كالصادي رأى نهلاً ... ودونه هوة يخشى بها التلفا

رأى بعينيه ماءً عزَّ موردُهُ ... وليس يملك دون الماء منصرفا

فقد أراك أول الشعر أنه يريد الحديث عن حاله مع المخاطب، ثم اطَّرد في مجال التخييل الذي أفاد به أن الحاجة تحثه على القرب منه، والخطر المعترض في سبيله ينصح له بالإحجام عنه.

ومن أبدع الوصف المنسوج على هذا المثال: قول شرف الدين التيفاشي:

أما ترى الأرض من زلزالها عجباً ... تدعو إلى طاعة الرحمن كل تقي

أضحت كوالدة خرقاء مرضعة ... أولادَها درَّ ثدي حافل غدقِ

قد مهدتهم مهاداً غير مضطرب ... وأفرشتهم فراشاً غير ما قلق

حتى إذا أبصرت بعض الذي كرهت ... مما يشق من الأولاد من خلق

هزت بهم مهدهم شيئاً تنبههم ... ثم استشاطت وآل الطبع للخرق