وهي الوجوه التي يحسن بالمتكلم أن يراعيها عند الكلام، كما يستعمل في المتحدث عنه الموصول لدلالة الصلة على مدحه أو ذمه، ووجود هذه المعاني في الكلام هو الذي به ارتفاع شأنه، ولا يخرج به عن دائرة الصدق، وقد سلك القرآن والحديث بذلك مسلكاً بديعاً.
وهذا الشعر الوعر طرريقه، الصعب مركبه. وأشار إليه من يقول:
الشعر صعبٌ وطويلٌ سلَّمُهْ ... إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمُهْ
زلَّت به إلى الحضيض قدمُه ... يريد أن يُعربَه فيعجِمُه
ومما يعده البلغاء من محاسن البيان: حسن التعليل، وهو أن يذكر المتكلم للأمر علة خيالية غير العلة الحقيقية المعروفة؛ كقول الشاعر في رثاء المصلوب:
ولما ضاق بطنُ الأرضِ عن أن ... يضمَّ علاكَ من بعدِ الوفاةِ
أصاروا الجوَّ قبرك واستعاضوا ... عن الأكفانِ ثوبَ السافياتِ
فإن العلة في قتله مصلوباً هي إرادة الانتقام منه، لا أنهم راعوا أن بطن الأرض لا يضم علاه بعد الوفاة.
وكقول بعضهم مترجماً عن الفارسية:
لو لم تكن نيةُ الجوزاءِ خدمته ... لما رأيت عليها عِقْدَ منتطق
فإن انتطاق الجوزاء ثابت قبل وجود الممدوح.
والقول الفصل الذي يقصد به تقرير الحقائق؛ كالقرآن، والحديث النبوي لا يوجد فيه هذا النوع من حسن التعليل، وإنما البلغاء أجازوه، بل عدّوه من محاسن البديع، فإنه قريب من الاستعارة؛ حيث لا يستعمل إلا إذا كانت