للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحاضر: ولم يأخذ العرب من هذين القسمين شيئاً، أو أخذوا أشياء غامضة نلمحها لمحًا فيما نقرأ من الكتب المختلفة عندما يقولون: "لكل مقام مقال".

يرى المحاضر أن الثقافة العربية تقصر عن أن تدرك أن لكل مقام مقالاً حتى يترجم لها ما تحدث به أرسطو عمن يحاول الخطيب التأثير فيهم!

لم تقصر الثقافة العربية عن أن تقول: "لكل مقام مقال"؛ فإن هذه الحكمة واردة في الأمثال العربية، ساقها الميداني في "مجمع الأمثال"، والزمخشري في "المستقصى"، وجاءت في شعر عربي صحيح، ذلك الشاعر هو الحطيئة - ولا أخاله يعرف أن لأرسطو شعراً وخطابة - إذ يقول متعطفاً لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:

تحنَّنْ عليَّ هداك المليك ... فإن لكل مقام مقالا

ثم ذكر المحاضر القسم الثالث من أقسام الخطابة، وتعرض لما تحدث به أرسطو عن أنواع من البيان؛ كالتشبيه، والاستعارة، وأنواعهما، ثم استغرب أن يكون مذهب أرسطو هو مذهب العرب في البيان.

نحو التشبيه والاستعارة أمر يشترك فيه الناس على اختلاف أجيالهم ولغاتهم، وهذا عبد القاهر الجرجاني يقول في "أسرار البلاغة": "التشبيه والاستعارة أمر يستوي فيه العربي والعجمي، وتجده في كل جيل، وتسمعه من كل قبيل".

وتحدث ابن الأثير عن المطابقة، وقال: "هذا النوع من الكلام لم تختص به اللغة العربية دون غيرها من اللغات، ومما وجدته في لغة الفرس: أنه لما مات قباد أحد ملوكهم، قال وزيره: "حركنا بسكونه"، وأول كتاب "الفصول" لأبقراط في الطب: "العمر قصير، والصناعة طويلة"، وهذا الكتاب على لغة اليونان".