للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَسْتُ أَدْري أفؤادي عامِرٌ ... أَمْ خَلِيٌّ مِنْ خِصالِ السُّؤْدُدِ

وَأَذاقَتْني اللَّيالي كَدَراً ... بَعْدَ ما احْلَوْلَتْ بِعَيْشٍ رَغِدِ

صَرَعَتْني غَمْرَة ما حَلَّ بي ... مِثْلُها عُسْراً وَطولَ أَمَد

خَفَقَتْ في الرَّأْسِ روح فَجْأَةً ... وهَوَى في الأَرْضِ حُرُّ الْجَسَدِ

وَلِساني نسَيَ الْقَوْلَ وَفي ... أَرْجُلي قَيْدٌ كَقَيْدِ الْمُقْعَدِ

فَحَسبْتُ الأَجَلَ المَحْتومَ لَمْ ... يَتَأَخَّرْ وَأَتَى في الْمَوْعِد

بادَرَ المُسْعِفُ يُزْجي مَرْكَباً ... مَدَّ جِسْمي فيهِ مَدَّ المُلْحَدِ (١)

رامَ بي الْقَصْرَ وآلقى فِتْيَةً ... وَرَدوا في الطِّبِّ أَصْفى مَوْرِدِ (٢)

نَقَروا الصَّدْرَ وجَسُّوا مَنْبَضاً ... وَانْقِراضُ الْعُمْرِ يُدْرى باليَدِ (٣)

وَاسْتَبانوا أَنَّ رَبَّ الْعَرْشِ قَدْ ... كَتَبَ الْمَحْيَا بِنابِ الأَسَدِ (٤)

عُدْتُ لِلدَّارِ الَّتي فارَقْتُها ... في مَساءِ الأَمْسِ مِنْ صُبْحِ غَدِ

وَتَوَلاَّني أُساةٌ ها أَنا ... ذا أُلاقي يَوْمَهُمْ في أَسْعَدِ (٥)

وَصَفوا الدَّاءَ وَقالوا: طِبُّهُ ... مَطْعَم مُرٌّ وَوَخْزُ الْعَضُد


(١) المسعف: الممرّض. يزجى: يدفع. المركب: طاولة ذات عجلات يوضع عليها المريض. المُلْحَد: القبر.
(٢) رام: أراد. القصر: مستشفى القصر العيني في القاهرة.
(٣) المنبض: منبض القلب حيث تراه ينبض. الانقراض: الهلاك.
(٤) المحيا: الحياة، قال تعالى:: {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [الجاثية: ٢١].
(٥) الأساة: جمع الآسي، وهو الطبيب.