للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَقَدَ التَّواخي في الدِّيانَةِ بَيْنَنا ... نَسَباً، قَرابَتُهُ أَشدُّ وَأَفْيَدُ

ما سامَ ذو رَأيِ سَديدٍ مَطْلباً ... إلَّا غَدا بِيَدِ الْمَعونَةِ يُعْضَدُ (١)

وَلَنا نُفوسٌ لَمْ تُنَطْ آمالُها ... إلَّا بِما هُو في المَعالي أَمْجِدُ

تُنْضي عَزائِمَ كالسُّيوفِ صَرامَةً ... لَكِنْ لِوَفْرِ طِعانِها لا تُغْمَدُ (٢)

كُنَّا بُدورَ هِدايَةِ ما مِنْ سَنىً ... إلَّا وَمِنْ أَنْوارِها يَسْتَوقِدُ

وإذا تَكامَلَ وَاسْتوى بَدْرٌ بَدا ... في أُفْقِ طَلْعَتِهِ السَّنِيةِ فَرْقدُ (٣)

كُنَّا بُحورَ مَعارِفِ ما مِنْ حِلًى ... إلَّا وَمِنْ أَغْوارِها يُتَصَيَّدُ

ما صرْصَرَتْ أَقْلامُنا في مُهْرَقِ ... إلَّا رَأَيْتَ الدُّرَّ فيهِ يُنَضَّدُ (٤)

مِنْ كُلِّ مَعْنًى يَبْهَرُ الأَلْبابَ أَوْ ... نسجٍ يَقومُ لَهُ الْبَليغُ وَيَقْعُدُ

وَيقومُ فينا لِلْخِطابَةِ مِصْقَعٌ ... فَتَرى بَناتَ الْفِكْرِ كَيْفَ تُوَلَّدُ (٥)

كُنَا جَلاءً للصُدورِ مِنَ الْقَذى ... وَلِواؤُنا بِيَدِ السَّعادَةِ يُعْقَدُ (٦)

ما صافَحَتْ راحاتُنا دَوْحاً ذَوى ... إلَّا وَأَيْنَعَ مِنْهُ غُصْنٌ أَغْيَدُ (٧)


(١) يعضد: ينصر ويعان.
(٢) تنضي: تسل.
(٣) السنية: الرفيعة. فرقد: نجم قريب من القطب الشمالي يهتدى به.
(٤) صر صرت: صاحت. المهرق: الصحيفة.
(٥) المصقع: البليغ ومن لا يرتج عليه في كلامه.
(٦) القذى: ما يقع في العين وفي الشراب من تبنة أو غيرها.
(٧) الدوح: جمع دوحة، وهي الشجرة العظيمة. أغيد: الناعم المتثنِّي.