الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
هذا طرز من نقد كتاب "في الشعر الجاهلي" طريف، سيألفه الناس لهذا العهد، وسيألفه أبناء الأجيال القابلة من بعد، وأكاد أثق بأن الدكتور طه حسين سيلقاه ساخطاً عليه، وبأن فريقاً من أشياعه سيزورّون عنه ازوراراً، ولكني -على الرغم من سخط ذاك، وازورار هؤلاء- أريد أن أذيع هذا النقد؛ فرِضا الحقيقة خير من رضا الناكب عنها، وإقبال مريدها أجلّ من إقبال المظاهر عليها.
وقع تحت نظري هذا الكتاب، وكنت على خبرة من حذق مؤلفه في فن التهكم -ولو بالقمر إذا اتسق- والتشكيك -ولو في مطلع الشمس الضاربة بأشعتها في كل واد- فأخذت أقرؤه بنظر يزيح القشر عن لبابه، وينفذ من صريح اللفظ إلى لحن خطابه، وما نفضت يدي من مطالعة فصوله، حتى رأيتها شديدة الحاجة إلى قلم ينبه على علاّتها، ويرد كل بضاعة على مستحقيها. وما هو إلا أن ندبت القلم لقضاء هذا المأرب، وسِداد هذا العوز، فلم يتعاص عليّ.
وقد ارتأيت ألا أنقد فقرة أو فقرات إلا بعد أن أنقلها بحروفها، وأحكيها