قلنا لكم: إن يد المؤلف تجول في بعض كتب شرقية، فيقطف منها ما يلائم ذوقه، ويضعه في كتابه على أنه وليد فكره، ونتيجة بحثه، وهذا البحث مما تعلق فيه المؤلف بذيل "مقالة في الإسلام"، وإليك ما قال صاحب الذيل (١): "وحقيقة الأمر في قصة إسماعيل: أنها دسيسة لفقتها قدماء اليهود للعرب تزلفًا إليهم، وتذرعًا منهم إلى دفع الروم عن بيت المقدس، أو إلى تأسيس مملكة جديدة في بلاد العرب يلجؤون إليها، فقالوا لهم: نحن وأنتم إخوة، وذرية أبي واحد".
لم يأخذ المؤلف في البحث مأخذ ذي أناة، ينظر إلى ما عنده من أدلة أو أمارات، أو شبه مثيرة للشك، ويفصل العبارة على مقداره، فصاحب "الذيل" يقول: وحقيقة الأمر في قصة إسماعيل أنها دسيسة لفقتها قدماء اليهود، والمؤلف يقول: ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة، وأنت إذا قرأت ما كتبه، وفحصته الكلمة بعد الأخرى، لم تجد لديه ما يساعده على دعوى أنه مضطر إلى الاعتقاد بأن في القصة نوعاً من الحيلة، فهذه القصة تعرّض لها القرآن، وكان لها ذكر عند العرب قبل نزوله، فالذي يسهل عليه الحكم بكونها دسيسة أو حيلة، ويدعي الاضطرار إلى أن يراها حيلة، هو الذي يجد في التاريخ الموثوق بصحته ما يصرح بأن إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام - لم يهاجرا إلى مكة، أو يصرح بأن العرب لم يكونوا ذرية إسماعيل - عليه السلام -، أو يجد في سياق القصة ما يخالف حساً أو عقلاً، أو سنّة من سنن الله في الخليقة، وكل ذلك لم يكن، وغاية ما فعل المؤلف: أنه اجتذب أصل البحث من كتاب "الذيل"،