للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل شعر أو خبر أو حديث يضاف إلى الجاهليين، ويكون بينه وبين آية من القرآن شبه قوي أو ضعيف، فهو مصنوع!.

أليس من الجائز أن ينطق العرب بحكمة، فيأتي القرآن بهذه الحكمة على وجه أبلغ وأرقى؟!.

أمن الحق أن ننكر أن العرب قالوا مثلاً: "القتل أنفى للقتل" لمجرد شبهه بقول القرآن: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩]؟!. أو من الحق أن ننكر أن زهيراً قال:

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... ولو رام أسباب السماء بسلَّم

لأن له شبهاً قوياً أو ضعيفاً بقول القرآن: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: ٧٨]؟!.

فإن أراد المؤلف من الشبه: المعاني الدينية، قلنا: هو إذاً يحدثنا برأي (مرغليوث) كأنه يأبى أن يبقي له في ذلك المقال باقية.

أورد (مرغليوث) شبهة خلو الأشعار المعزوّة إلى الجاهليين من الصبغة الدينية، وقد سقناها إليكم مع ما يدفعها، ثم قال: نعم، نجد شعراء الجاهليين يقسمون كثيراً في أشعارهم، ولكن كل أيمانهم الواردة في دواوينهم هي بالله، وذكر أن كثيراً من هذه الأشعار تشتمل على عقيدة التوحيد التي تنسب التصرف إلى الله، وعلى أشياء إنما يذكرها القرآن، وأورد شواهد شتى.

وقد تعرض المستشرق (إدور براونلش) في مقاله الصادر في "مجلة الأدبيات الشرقية" (١) للبحث في هذه الشبهة، فقال: "إن لغة الشعر كانت


(١) عدد أكتوبر سنة ١٩٢٦.