للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلت منها الجزية، قبلها عمر فيما يقول الفقهاء".

يتحدث المؤلف في مسائل دينية؛ ليظهر للقراء أنه درس الشريعة؛ حتى يطمئنوا لما يقوله عن الإِسلام في غير إخلاص. يقول المؤلف: القاعدة أنه لا يقبل من العربي إلا الإِسلام أو السيف. يقف القارئ في هذه الفقرة وقفة متردد، ولا يدري هل هذا المؤلف يتكلم في الدين مجتهداً لنفسه، أو مقلداً لذوي الاجتهاد، أو كاجنبي يحكي قاعدة في الإِسلام، وليس له به صلة اجتهاد أو تقليد؟.

نحن نعلم أن ليس للمؤلف من صلة اجتهاد أو تقليد بالإِسلام؛ لأن كلاً من الاجتهاد والتقليد لا يقوم إلا على الإيمان بالقرآن، وشرط هذا الإِيمان أن يدخل من ناحية العقل، لا أن يذهب من اليد أو الأذن إلى القلب رأساً، وقد رأيتم المؤلف كيف يعبث حول القرآن، والقرآن قول فصل وما هو بالهزل، إذاً ليس هو بذي اجتهاد، ولا ذي تقليد.

وإذا كان يتكلم في الدين بلسان أجنبي عن الدين، فالأجنبي لا يقرر قاعدة يعزوها إلى الإِسلام إلا أن يكون مجمَعاً عليها، أو تكون من المواضيع التي تواردت عليها كلمة الجمهور. وأنت إذا نظرت إلى قاعدة المؤلف، وهو أن العربي لا يقبل منه إلا الإِسلام أو السيف، لم تجدها فيما أجمعوا عليه، ولا فيما تواردت عليه كلمة الجمهور. فالشافعية يقولون: تقبل من أهل الكتاب عرباً كانوا أو عجمًا (١)، والحنفية يقولون: لا يقبل من مشركي العرب إلا الإِسلام أو السيف، وتقبل من أهل الكتاب من العرب ومن سائر كفار


(١) "فتح الباري" للحافظ ابن حجر.