القصّاص، ومسه طائف من الخيال، فجعل يفرض أن هناك شركة مؤلفة باسم القصّاص، ولهذه الشركة مصانع لعمل الأخبار والأشعار، وكل واحد من أعضائها يقوم على مصنع من هذه المصانع، حتى إذا تهيأ مقدار في مصنع التلفيق، بعث به إلى مصنع التنسيق، وبعد أن ينسق في هيئة قصة أو شعر، يأتي أعضاء الشركة القصصية، ويطبعونه بطابعهم، وينفخون فيه من روحهم، ثم يأذنون بإصداره، فيحمل كل عضو ما استطاع، أو ما طاب له، ويذيعه بين الناس.
يسمّي المؤلف هذا الحديث الملفق المنسق فرضا، ويزعم أن لديه نصا يجيز له هذا الافتراض، وهو قول ابن إسحاق:"لا علم لي بالشعر، إنما أوتى به، فأحمله".
توجد هذه الشركة، ويبقى أمرها سراً مكتوماً إلى أن يجيء المؤلف بعد ألف سنة، فيجد رمزها في قول ابن إسحاق:"وإنما أوتى به، فأحمله".
عبارة ابن إسحاق خاصة بالشعر، وقد جاءت الرواية بأنه هو الذي كان يقترح على بعض الشعراء أن يضعوا له أشعاراً تناسب بعض أخبار السيرة.
روى الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال": أن أبا عمرو الشيباني يقول: رأيت أبا إسحاق يعطي الشعراء الأحاديث يقولون عليها الشعر، ونقل عن أبي بكر الخطيب: أن أبا إسحاق كان يرفع إلى شعراء وقته أخبار المغازي، ويسألهم أن يقولوا فيها الأشعار؛ ليلحقها بها.
ذلك شأن ابن إسحاق، وقد عرف به بين علماء عصره، ودعوى أن هناك شركة ذات أعضاء وطابع، ولها مصانع للتلفيق، وأخرى للتنسيق،