نظره في معاني الأبيات، وحسن بيانه لما يقصد الشعراء، وفي "أساس البلاغة": "فرس: صار ذا رأي وعلم بالأمور"، وفي "اللسان": "رجل فارس بالأمر؛ أي: عالم به بصير".
والرواية التي تصف خلفاً بانتحال الشعر تقول: إنه اعترف بما كان ينتحله، وبينّه للناس، وقد جاءت الرواية بن له شعراً حمله عنه أبو نواس، وأقرب الظن أن يكون هذا الشعر المنتحل قد أضافه إلى شعره الذي أخذ عنه في حياته، ولا شك أن هذا الذي رواه عنه الكوفيون، وأبوا تصديقه في انتحاله، قد عرفه البصريون، وتحاموا أن يرووه لمن عزاه إليهم. وشأن الرواة الثقات من الكوفيين أن يرتابوا في هذا الشعر الذي قال لهم راويه: إنه منحول، ولم يجدوا له في رواية غيره أثراً.
أما صداقة خلف لوالبة بن الحباب التي لوَّح بها المؤلف إلى الطعن في روايته، فقد يكون والبة يكتم زندقته عن خلف، ولا يكاشفه بها؛ فقد كان الزنادقة -بطبيعة الحال- يتظاهرون بالإِسلام، بل تجد في الكتب التي تسوق شيئاً من أخبارهم أن بعضهم كانوا يخفضون رؤوسهم بالركوع والسجود، ويراؤون بالإمساك عن شهوات بطونهم حين يشهدون شهر رمضان، حكى صاحب "الأغاني" عن علي بن القاسم: أنه قال: كنت آلف إياس بن مطيع، فعنفني في عشرته جماعة، وقالوا لي: إنه زنديق، فأخبرته بذلك، فقال: وهل سمعت مني، أو رأيت شيئاً يدل على ذلك؟ أو هل وجدتني أخلّ بالفرائض في صلاة أو صوم؟ فقلت له: والله! ما اتهمتك، ولكن خبرتك بما قالوا.
فقد يكون خلف ألِف والبة؛ لأنه لم يسمع منه، ولم ير شيئاً يدل