للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيس في بني أسد، وكانت أمه من بني تغلب، وكان مهلهل خاله، فليس غريباً أن يصطنع لغة عدنان، ويعدل عن لغة اليمن. ولكننا نجهل هذا كله، ولا نستطيع أن نثبته إلا من طريق هذا الشعر الذي ينسب إلى امرئ القيس، ونحن بشك (١) في هذا الشعر، ونصفه بأنه منتحل. وإذاً، فنحن ندور: نثبت لغة امرئ القيس التي نشك فيها بشعر امرئ القيس الذي نشك فيه".

لسنا في حاجة إلى إعادة البحث في مقدار الفرق بين لغة اليمن ولغة نجد والحجاز قبل الإسلام بنحو عصر؛ فإن امرأ القيس يمني الأصل، نجدي المولد والنشأة، قال ابن قتيبة في كتاب "الشعر والشعراء" (٢) يذكر امرأ القيس: هو: "ابن حجر بن عمرو الكندي، وهو من أهل نجد من الطبقة الأولى، وهذه الديار التي وصفها في شعره كلها ديار بني أسد".

يقول الرواة: إن امرأ القيس يمنيٌّ نشأ في نجد، والمؤلف يخرج على أدب البحث، فيؤمن لهم بأنه يمني، ويتعاصى عن قبول أن يكون نشأ في نجد، يقسم كلامهم شطرين، فيؤمن بشطر، ويكفر بشطر؛ حتى يجد الوسيلة إلى مجادلتهم، أو مغالطتهم بأن لغة اليمن غير لغة عدنان، وأن هذا الشعر الذي يعزى إلى امرئ القيس مصوغ في لسان عدناني مبين.

ومن البديهي أن الذي يتصدى لمجادلة من يقولون: امرؤ القيس يمني نشأ في نجد، وليس له علم بهذا الشاعر من غير طريقهم، إما أن يصدقهم في يمنيته ونشأته في نجد، وإما أن يكذبهم في الأمرين كليهما، فهذا الدوران


(١) كذا بالأصل، ولعلها محرفة عن "نشك".
(٢) (ص ٣٧).